هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عدالة الصحابة وضبطهم

اذهب الى الأسفل

عدالة الصحابة وضبطهم Empty عدالة الصحابة وضبطهم

مُساهمة من طرف كوثر السبت 6 فبراير 2010 - 7:20

عدالة الصحابة وضبطهم


انتقد طه حسين وأحمد أمين وأبو رية[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] منهج النقد عند المحدثين بأنهم لم يتعاملوا
بموضوعية مع كل رجال السند ، باعتبار أن تعديل الصحابة مساحة غير مسموح لأحد أن يتجاوزها
مقررين أن بساط الصحابة قد طوي ومكانتهم جازت القنطرة ، في حين انهم بشر كغيرهم
وثبت فيهم النفاق والخطأ وغير ذلك ، فما الذي يجعلهم منزهين عن النقد والجرح
والتعديل .



وتحريرا لمحل النزاع فإن منهج النقد عند
المحدثين لا ينزه الصحابة عن أي خطأ بل الاعتقاد بعصمتهم ليس في معتقد أهل السنة
أصلا ، والنقاد يستجيزون نسبة الخطأ إلى الصحابة متى قام الدليل القوي على ذلك ،
وقد ثبت أن الصحابة خطأ بعضهم بعضا ، وهذه النقطة متعلقة بجواز ورود الخطأ على
الصحابي ، وهذا لا ينازع فيه المحدثون .



أما ما ينازع فيه المحدثون ( ولا يقوله
المستشرقون ومن تبعهم ) أن تعرض مرويات الصحابة لمعرفة الحافظ منهم والساهي وكثير
الخطأ ، فالمحدثون يفترضون مسبقا ضبط الصحابة وعدالتهم (أي ديانتهم ) .ولنتحدث عن
القضيتين كلا على حدة .






عدالة الصحابة


إن قضية عدالة الصحابة أمر مجمع عليه بين أهل
السنة ومنهم أئمة المذاهب الأربعة وغيرها من المذاهب المتبوعة كالظاهرية وأتباع
الأوزاعي وغيرهم ممن انقرضوا الآن ، والمخالف لهذه القضية محجوج بالآيات المستفيضة
والسنة الصحيحة في تعديل كل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم .



والاستطراد في ذكر ذلك يخرج بالبحث عن موضوعه ،
ويهمنا أن نقرر أن عدالة الصحابة قضية متناسقة مع المنهج العلمي .



يقول الخطيب البغدادي : " والأخبار في هذا
المعنى تتسع ، ولكنها مطابقة لما ورد في نص القرآن وجميع ذلك يقضي طهارة الصحابة
والقطع على تعديلهم ونزاهتهم ، فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع
على بواطنهم إلى تعديل أحد من الخلق لهم ، فهم على هذه الصفة إلا أن يثبت على أحد
ارتكاب ما لا يحتمل إلا قصد المعصية والخروج من باب التأويل ، فيحكم بسقوط العدالة
، وقد برأهم الله من ذلك ، ورفع أقدارهم عنه ، على أنه لو لم يرد من الله عز وجل
ورسوله صلى الله عليه وسلم فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من
الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في
الدين وقوة الإيمان واليقين والقطع على عدالتهم والاعتقاد بنزاهتهم وأنهم أفضل من
جميع المعدلين والمزكين الذي يجيئون من بعدهم أبد الآبدين "[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. وهذا تأصيل متين لقضية تعديل الصحابة .



ويزيد هذا التأصيل قوة أمر بالغ الأهمية ، وهو
كاف في إثبات منهجية المحدثين في تعديل الصحابة .



ذلك أن المنطق العقلي يفترض التسليم ببعض
الحتميات التاريخية ، وبمبدأ العلة والسبب المؤثر ، والذي لا يستطيع طه حسين وأحمد
أمين وأبو رية أن ينكروه .



وتأسيسا على ذلك نقول : إن التاريخ الذي كتبه
أهل السنة وغيرهم لا يوجد فيه نص واحد يفيد أن الصحابة كانوا يكذبون على رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، ويستحيل في المنطق العقلي أن يجتمع كل المؤرخين على اختلاف
مشاربهم ( بما فيهمه الشيعة الذي حنقوا على الصحابة أيما حنق ) على نفي الكذب أو
عدم رواية شيء يفيد ذلك عن الصحابة ثم يأتي باحث في القرن الخامس عشر الهجري ويقول
: يجوز أن يكذبوا .



ثم إن الخلافات التي جرت بين الصحابة والحروب
التي قامت بينهم سبب قوي وعلة دافعة أن يستغل كل طرف عيوب الآخر في التنقيص والذم
، ولم يثبت عن أحد منهم أن اتهم أحدا ( مع حصول العداوة من بعضهم لبعض ) بالكذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أفلا يكون هذا السكوت دليلا على العدم مع قيام
الداعي القوي ؟!!



أما القول بوجود النفاق فيهم فهذا ما لا يقوله
المحدثون ، لأنهم عرفوا الصحابي بأنه من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم مؤمنا به
ومات على ذلك ، أي في واقع الأمر .



وقد تأدب الصحابة بأدب القرآن فلم يذكروا أسماء
من عرف بالنفاق لا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بعد وفاته ، ولو كان
ثمة مصلحة في تعيينهم لعينهم القرآن وأشاع الفضيحة بين الناس بأسمائهم واحدا إثر
آخر .



وتجويز النفاق على أي صحابي لا يتفق مع المنهج
العلمي في شيء ، لأن مجرد الاحتمال الذي لا يقوم على أساس يسوغ استخدامه في إصدار
الأحكام ، وإلا جاز اتهام جبريل نفسه ( عليه السلام ) بالنفاق ، ولا يخفى ما في
هذا المسلك من الوهاء والبطلان .



وهؤلاء المتهوكون في صحابة النبي صلى الله عليه
وسلم إذا ذكر لهم منهج النقد التاريخي الأوروبي خروا له ركعا وسجدا ، وفي هذا
المنهج يقرر لانجلوا وسينوبوس أن انتحال الكتب في العصور الوسطى كان عادة جارية
مقبولة في أوروبا لا يعاقب صاحبها ، ومع ذلك فالمنهج العلمي لديهم يسوغ الاعتماد
على نسخ لا يعرف من كتبها ولا من نسخها ولا من رواها معتمدين على عمايات وظلمات
بعضها فوق بعض للوصول إلى أية حقيقة من وراء تلك الوثيقة اللقيطـــة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].



لماذا لا يعتبر هذا المنهج غير موضوعي بل غير
علمي أصلا ، إذ يسوغ الاعتماد على المجهول الذي لا يعرف ، بينما صحابة النبي صلى
الله عليه وسلم قد عرفت أسماؤهم وكناهم وفضائلهم ومواليدهم ووفياتهم وكل صغيرة
وكبيرة في حياتهم ، فأي الفريقين أولى بقبول الرواية منه والأخذ عنه ؟



ويستدل القادحون في عدالة الصحابة بحديث أنس بن
مالك وأبي هريرة وغيرهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر عن أناس سيطردون عن
حوضه يوم القيامة وأنهم هم الذين بدلوا وأحدثوا بعده ، وهو حديث متواتر[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ، ووجوده دليل على عدالة الصحابة وليس
قادحا فيها ، فالمتهم لا يقدم دليل اتهامه ، والسارق لا يصطحب في السوق مسروقاته
معه ، كما لا يروي الكاذب دليل كذبه .




ضبط الصحابة


يمكننا حصر الكلام في أبي هريرة رضي الله عنه
باعتباره الصحابي الذي نال من الهجوم أكثر من غيره (أعني من المستشرقين ومن تبعهم
) .



فإذا أثبتنا ضبط أبي هريرة وحفظه – وهو الذي
روى خمسة آلاف حديث كما يقدر بعض المحدثين – فإن حفظ الصحابة الآخرين وضبطهم يكون
أمرا مفروغا منه .



وبدءا ينبغي أن نقدر الأمور قدرها ، فالأحاديث
التي رواها أبو هريرة رضي الله عنه ليست كلها أقوالا ، بل جزء منها أفعال وتقريرات
وهذه يسوغ روايتها بالمعنى ولا تشقى الذاكرة بحفظها لأن حفظ الحدث وحكايته بأي لفظ
ليس أمرا خارقا للعادة حتى نتهم به أبا هريرة رضي الله عنه.



وثرثار سفيه في أي مقهى يستطيع أن يحكي عن
مواقفه ومواقف أصدقائه الآلاف ويكون صادقا في جميعها ، فكيف لو كان الحاكي أبو
هريرة ، والمحكي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!



ثم إن حفظ أبي هريرة لهذه الآلاف من الأحاديث
ليس بمستغرب أمام حفظ الصحابة لآلاف الأبيات الشعرية وروايتها ، فحفظ أبي هريرة في
سياقه طبيعي وعادي بالموازنة مع قدرات أهل جيله وليس أمرا خارقا للعادة كما بينا .



وأهم نقطة في هذه القضية أن الصحابة ثبت عنه
اتخاذ موقفين من أبي هريرة :



الأول : تخطئته في بعض الأحاديث ،كما ثبت عن
عائشة رضي الله عنها أنها خطأت أبا هريرة في روايته لحديث : " إنما الطيرة في
المرأة والدابة والدار " وأن أبا هريرة سمع الحديث مبتورا فرواه على غير وجهه
، ولم تكذبه رضي الله عنها وعنه[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] .



الثاني : أن الصحابة اتهموا أبا هريرة بالإكثار
من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذان الموقفان دليلا واضحان على
أمور :



الأول : عدالة أبي هريرة رضي الله عنه وصدقه ،
إذ لو كان كاذبا لكذبوه بل لمنعوه من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .



الثاني : أن ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه
عرفه الصحابة وأقروه عليه ، إذ لو كان يروي حديثا ما سمعه أحد منهم لكان أسهل شيء
عليهم أن يقولوا له : كذبت، كلنا لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا
الحديث .



الثالث : على أقل تقدير يقال : إن الصحابة إذا
شكوا في حديث رواه أبو هريرة لم يجرءوا على تكذيبه لتسليمهم بأنه كان منقطعا لسماع
الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .



الرابع : أنا أبا هريرة استمر يروي الحديث حتى
مات رضي الله عنه ، وهذه السنون الطوال كافية في أن يختبر الصحابة حديثه ويعرضوه
على ما يعرفون ، فلما لم يفعلوا دل على تسليمهم بذلك.



والمنهج العلمي يقتضي منا القول أن أحاديث أبي
هريرة على وجه الخصوص تكتسب مصداقية أكثر من أحاديث بقية الصحابة لأنها كانت محل
انتقاد الصحابة في كثرتها ولكنهم عجزوا عن إقامة الدليل على كذبه – مع ثبوت تخطئته
في البعض – فيكون مثل ذلك دليلا على حصول إجماع سكوتي على الأحاديث التي رواها أبو
هريرة رضي الله عنه .



وبهذا العرض يتبين أن ضبط الصحابة متوافق مع
المنهج العلمي[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ، متناسق مع أصول النقد ، ومع ذلك
فالمحدثون قد يشيرون إلى خطأ الصحابي إذا ثبت ذلك بالبينة والبرهان .



وقد وَهَّم الدارقطني رافع بن عمرو المزني رضي
الله عنه في قوله : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على بغلة
بمنى" ، وروى الناس كلهم خطبة النبي صلى الله عليه وسلم على ناقة أو جمل ، ثم
قال الدارقطني: "أفيضعف الصحابي بذلك ؟! " كالمستنكر[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] .



ووهمت عائشة رضي الله عنها ابن عمر في تواريخ
اعتمار النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النووي : " سكوت ابن عمر على إنكار
عائشة يدل على أنه كان قد اشتبه عليه أو نسي أو شك " وقال ابن حجر : "
وفيه دليل على أنه قد يدخل الصحابي الوهم والنسيان لكونه غير معصوم"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. ووهم سعيد بن المسيب عبد الله بن عباس في
قوله : " تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم "[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] . وهذا التوهيم مع قبول المرويات الأخرى
دليل على الضبط والحفظ .



وبهذا يستبين أن ضبط الصحابة مثل ضبط غيرهم ،
لكن قبول الناس عنهم دليل على أنهم لم يستنكروا مما رووه ، وما ذلك إلا لأنه متفق
على ما عرفوه وسمعوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا وحده كاف في ثبوت
الإتقان وقبول الرواية عنهم .



الخلاصة


1-حصر المحدثون صفات القبول في الراوي على
أمرين : العدالة والضبط .



2-اشترط المحدثون في الضبط والعدالة شروطا على
ضوئها ردوا من فقد شرطا منها .



3-عدالة الصحابة جميعا أمر يستدعيه الدور
التاريخي الذي قاموا به في تبليغ الدين ، ويقتضيه المنهج العلمي في النقد بدون
تأثير عقدي ، خلافا للأصوات غير الموضوعية والآراء التي ثبت تأثرها بمؤثرات عقدية
في قدحها في عدالة الصحابة .



4-وجد للمحدثين منهج واضح في معرفة عدالة وضبط
الرواة .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]أنظر فجر الإسلام . أحمد أمين . ص216-217. ،
أضواء على السنة المحمدية لأبي رية ص342 وص361 .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الكفاية للخطيب البغدادي ص48-49 .


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]انظر المدخل إلى الدراسات التاريخية . لانجلوا
وسينوبوس ص70.



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الحديث رواه البخاري (6/2587) ومسلم ( 4/1793)
وغيرهما . وقد فسر البخاري من أحدث بعد الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث
بأنهم المرتدون الذين قاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، انظر صحيح البخاري (
4/142-143) .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]رواه أحمد في المسند (6/246) ، وانظر منهج النقد
عند المحدثين . محمد الأعظمي ص78






[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وقد ناقشنا ضبط الصحابة رضوان الله عليهم في
أبي هريرة نموذجا لأنه كان راوية الإسلام ، فإذا ثبت الضبط والرعاية من أبي هريرة
لمحفوظاته – على كثرتها – فلأن يثبت ذلك من باب أولى في حق الصحابة الذين حفظوا
أقل منه .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]شرح علل الترمذي لابن رجب ص





[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر
العسقلاني (3/602) .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]منهج النقد عند المحدثين . محمد الأعظمي ص126

المصدر : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كوثر
كوثر
عضو نشيط
عضو نشيط

انثى
تاريخ التسجيل : 25/01/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى