هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأنثروبولوجيا الاجتماعية - 2

اذهب الى الأسفل

الأنثروبولوجيا الاجتماعية - 2 Empty الأنثروبولوجيا الاجتماعية - 2

مُساهمة من طرف طالبة جامعية الأحد 27 مارس 2011 - 18:50

البسملة

التحية

وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر، استكمل الأنثروبولوجيون وضع العناصر الأساسيّة لعلم الأنثروبوجيا الاجتماعية، عندما قام بعضهم بتصنيف المجتمعات البشرية على أسس أبنيتها الاجتماعية، وليس على أسس ثقافاتها فحسب. وهذا ما أدّى إلى تميّز الأنثروبولوجيا الاجتماعية عن الأنواع الأنثروبولوجية الأخرى، وأصبح موضوعها بالتالي، يختصّ بالعلاقات الاجتماعية وليس بالظواهر الثقافية .‏

واستناداً إلى ذلك، امتدّ منهج دراسة الأنثروبولوجيا إلى الدراسات الميدانية. واعتبرت الدراسة التي قام بها العالم الانكيزي / هادون /على منطقة مضائق (تورليس) مع بعثة علمية، نقطة تحوّل أساسية في تاريخ الأنثروبولوجيا الاجتماعية، حيث رسّخت أمرين أساسيين :‏

أولهما :النظر إلى الأنثروبولوجيا الاجتماعية، على أنّها علم يحتاج إلى تخصّص كامل .‏

وثانيهما:اعتماد الدراسة الميدانية منهجاً رئيسيّاً في هذا العلم .‏

ومع أنّ / مورغان و بواز / سبقا / هادون/ في دراسة بعض قبائل الهنود الحمر، وبعض قبائل الأسكيمو، فقد استطاع / هادون / أن يحدّد أساسيات منهج الأنثروبولوجيا الاجتماعية، ويجذب بعض العلماء إلى ميدان هذا العلم الجديد، بعدما تخلّوا عن اختصاصاتهم الأصلية وأصبحوا من أئمّة الأنثروبولوجيا الاجتماعية في القرن العشرين، من أمثال : العالم / ريفر/ الذي كان متخصّصاً في علم النفس، والعالم / سليجمان / الذي كان متخصّصاً في علم الأمراض. بل أنّ / هادون / نفسه، تخلّى عن تخصّصه الأصلي في (الحيوانات البحرية) وتحوّل إلى الأنثروبولوجيا الاجتماعية .( لطفي، 1979، ص 96)‏

وهكذا، مثّل القرن التاسع عشر نشأة الأنثربولوجيا الاجتماعية، وإن كانت صورتها غير ناضجة وتحتاج إلى الكثير من جهود العلماء ولفترة من الوقت ليست قصيرة، حيث بدأت عناصر صورتها تستكمل وتزدهر في نهاية هذا القرن والنصف الأول من القرن العشرين.‏

3- القرن العشرون :‏

وصلت الأنثروبولوجيا مع بداية القرن العشرين إلى مرحلة التخصّص بدراسة البنى الاجتماعية للمجتمعات، ولا سيّما المجتمعات القديمة، حيث ازدادت الدراسات الميدانية، وفي مقدّمتها الدراسة التي قام بها الأنكليزي / رادكيف براون / على سكان خليج البنغال، والتي اعتبرت المحاولة الأولى لفحص النظريات الاجتماعية بالعودة إلى مجتمع بدائي. وكذلك دراسة / مالينوفسكي / لسكان جزر (التروبوبرياند) لمدّة أربع سنوات، واستخدم فيها لغة أهالي هذه الجزر. فكان بذلك أوّل أنثروبولوجي يتمكّن من فهم حياة الناس وعلاقاتهم الاجتماعية، من خلال تتبّع عاداتهم وتقاليدهم، وتحليل مدلولاتها الاجتماعية .‏

فخلال الربع الأوّل من هذا القرن، عكف الباحثون الأنثروبولوجيون على جمع الوثائق التي يحتاجون إليها من أجل إثبات ظاهرة الاقتباس بين الثقافات المختلفة. ويلاحظ أنّ العامل التاريخي، من وجهة نظر تاريخ الطريقة الأنثروبولوجية، احتلّ مكان الصدارة في دراسة المجتمعات، حتى في المحاولات المبذولة لإثبات ظاهرة الانتشار الثقافي، الناجمة عن الاحتكاك بين الشعوب. ويعود ذلك إلى أنّ هؤلاء الباحثين، كانوا يدركون جيّداً أهميّة البيانات التاريخيّة في فهم العوامل الثقافية الدينامية. (لينتون، 1967، ص 259 )‏

أمّا في الربع الثاني من القرن العشرين، فقد أصبحت للأنثروبولوجيا الاجتماعية فروع مستقلّة تدرّس في الجامعات الأوروبية، ولا سيّما في الجامعات البريطانية .. وانتشر تطبيق منهج الدراسة الميدانية نتيجة لتأثير علم / مالينوفسكي / الذي بدأ منذ عام 1924، بتدريب الأنثروبولوجيين على القيام بالدراسات الميدانية .‏

وفي عام 1937، أعاد / براون / تنظيم معهد الأنثروبولوجيا في جامعة أكسفورد، وطوّر مناهجه. وبفضل جهود / مالينوسكي وبراون / وتلامذتهما من ذوي الخبرة في الدراسات الأنثروبولوجية الميدانية، أجريت دراسات متعدّدة على مجتمعات صغيرة في أفريقيا (دراسة نظم القرابة والطقوس والسياسة )، وأحدث المعهد الدولي الأفريقي في جامعة أكسفورد، تصدر عنه مجلّة متخصّصة في علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية .‏

وتابعت الأنثروبولوجيا الاجتماعية دراساتها المتقدّمة، في النصف الثاني من القرن العشرين، مماّ أدى إلى اتّساع هذه الدراسات وازدهارها، وبالتالي إلى التقارب بين الأنثروبولوجيا الاجتماعية والأنثروبولوجيا الثقافية .. وتمّ اعتماد تطبيق المنهج التجريبي بدلاً من المنهج المقارن، حيث يستند كلّ باحث أنثروبولوجي – في تطبيق المنهج التجريبي – إلى نتائج دراسة باحث آخر لمجتمع معيّن، ويقوم بدوره بالتأكّد من صحّة هذه النتائج من خلال قيامه بدراسة مجتمعات أخرى. وبذلك، تصبح الفرضيّات المتفق عليها مبادئاً عامة في نهاية الأمر، أو معارف متداولة في مجال الأنثروبولوجيا الاجتماعية .. وهذا ما عزّز من علم الأنثروبولوجيا في العصر الحديث .‏

ثالثاُ- أهداف الأنثروبولوجيا الاجتماعية‏

.1تحديد نماذج عالية للأبنية الاجتماعية :‏

إنّ التوصّل إلى نوع من التصنيفات والنماذج للأبنية الاجتماعية، يعدّ أمراً صعباً بالنظر إلى عدم اتّفاق العلماء على هذه النماذج من جهة، ولعدم وجود مصطلحات عالمية لمفاهيم الأنثروبولوجيا الاجتماعية من جهة أخرى. هذا بالإضافة إلى المشكلة الأساسيّة، التي تتمثّل في عدم وجود الدراسات الميدانية الشاملة للمجتمعات الإنسانية جميعها، على الرغم من محاولات الكثير من العلماء الوصول إلى ذلك الهدف .‏

فالإنسان وحده -من بين المخلوقات – يتمتّع بإمكانية تطوير سلوكه المكتسب ونقله بالتعلّم، وأنّ نظمه ومؤسّساته الاجتماعية، تتّصف بالتنوّع وبدرجة من التعقيد أكبر ممّا تتّصف به الأشكال الاجتماعية لأي نوع آخر من أنواع الحيوان .‏

ولذلك نجد أنّ المنطلق المنطقي لما يجرى من أبحاث حول المجتمع، هو دراسة أنظمة اجتماعية معيّنة واعتبار كلّ منها وحدة متكاملة. وممّا يسهل المشكلة بعض الشيء، اعتبار الأنظمة كيانات متميّزة عن المجتمعات، إذ يمكّننا ذلك من تجاهل المدى الواسع للاختلافات الفردية في التعبير عن نماذج النظام، ومن التركيز على النماذج نفسها وعلاقاتها المتبادلة .بيد أنّ المشكلة تظلّ معقّدة بما فيه الكفاية، وأوّل مهمّة للباحث هي التحقّق من النماذج وطبيعتها.‏

إنّ الصورة التي يرسمها باحث النظام الاجتماعي كلّه، يتكوّن من عناصر يجمعها واحدة واحدة، أي من النماذج الداخلة في تركيب النظام، ومن الملاحظات التي تتجمّع لديه عن تكيّفها وعلاقاتها المتبادلة، كما تتكشّف لـه في أثناء ممارسة الناس الفعلية لها. ولا يستطيع العضو العادي في أي مجتمع، أن يساعد الباحث في هذا العمل، إذ ما من أحد يدرك أنّ النماذج التي تنظّم التفاعلات الاجتماعية، تشكّل نظاماً إلاّ في حالة المجتمعات التي بلغت درجة عالية من التعقيد والتزمّت، كالمجتمعات في الصين وبلاد الإغريق في العصور القديمة، وأوروبا الحديثة. (لينتون، 1964، ص 345-346)‏

ولمّا كان الإنسان قادراً على التفاهم مع أمثاله بواسطة أشكال اللغة الرمزية والمفاهيم، فهو وحده الذي استطاع أن يوجد أنواعاً لا تحصى من المباني الاجتماعية الأساسية كبنيان الأسرة. وإذا نظرنا إلى حياة الجماعة في أي نوع من أنواع ما دون الإنسان من الكائنات الحيوانية، وجدنا أنّ مبانيها الاجتماعية أكثر رتابة من المباني الإنسانية، وبالتالي يمكن توقّعها لأنّ كل جيل من أجيالها يتعلّم السلوك المشترك بين معاصريه جميعهم، بينما يبني الإنسان على تجارب كلّ من سبقه. (هرسكوفيتز، 1974، ص 32 )‏

وقد أنفق العالم / رادكليف براون / ثلاثين عاماً في الدراسة، للوصول إلى بعض النماذج العامة للأبنية الاجتماعية. وبفضل جهوده وجهود علماء آخرين، أصبح هناك اتفاق شبه عام على بعض النماذج الأساسية للبناء الاجتماعي، مثال: ( العشيرة - القبيلة - الدولة – الأمّة –المجتمع) .‏

واستطاع هؤلاء العلماء تحديد الأشكال الأسرية الرئيسة، في المجتمعات الإنسانية. ويعدّ ذلك خطوة هامة نحو الوصول إلى القوانين الاجتماعية، التي يترتّب عليها ذلك التنوّع الملحوظ في الأبنية الاجتماعية المختلفة، وما أطلق عليه اصطلاحاً : (الدراسات المورفولوجية ).‏

.2 تحديد مظاهر التداخل والترابط بين النظم الاجتماعية :‏

تبدو أهميّة استخدام المنهج الكلّي / المتكامل في الدراسات الأنثروبولوجية، في تحقيق ذلك الهدف الذي يتمثّل في تحديد التأثير المتبادل بين النظم الاجتماعية، التي تدخل في نطاق البناء الاجتماعي الواحد. ويهتمّ العلماء اليوم، بهذا الهدف، إذ لا يوافقون على اقتصار الدراسة الأنثروبولوجية على الجانب الوصفي فحسب، وإنّما لا بدّ من التحليل للكشف عن الوظائف الاجتماعية للنظم الاجتماعية، عن طريق تحديد التأثير المتبادل فيما بينها.‏

وقد عرضت أمثلة كثيرة عن هذا الموضوع، حيث يطلق العالم / براون / على الدراسة التي ترمي إلى تحقيق ذلك الهدف اصطلاحاً : (الدراسة الفيزيولوجية) تمييزاً لها عن الدراسات الخاصة بالهدف السابق (الدراسات المورفولوجية ).‏

إنّ مشكلة حقيقة الأنظمة الاجتماعية، هي مشكلة فلسفية أكثر منها مشكلة عملية. والمهمّ في الأمر هو أنّ مركّب النماذج الاجتماعية التي تتكيّف بعضها مع بعض تكيّفاً متبادلاً _ وهو ما اصطلح على تسميته بالنظام الاجتماعي – يتطوّر ويعمل بارتباط مستمر مع سائر عناصر الثقافة، وأنّ النماذج يجب أن تتكيّف مع هذا النسق تماماً كما تتكيّف بعضها مع بعض. أمّا المجموع الكلّي للثقافة، فيجب أن يتكيّف بدوره أيضاً، مع البيئة الطبيعية للمجتمع، لأنّ الإنسان قد يطوّر وسائل كثيرة ومتنوّعة للسيطرة على البيئة واستغلالها، ولكنّه لا يستطيع أبداً أن يتحرّر من أثرها .‏

ولذلك، يمكن القول : إنّ كل نظام اجتماعي، هو جزء من وحدة متناسقة متكاملة، أوسع جدّاً في مداها من النظام نفسه، أمّا العناصر التي تتكوّن منها هذه الوحدة، فهي متشابكة ومتداخلة. ولا يمكن فهم النظام الاجتماعي، إلاّ إذا درس في ضوء علاقته بالوحدة المتناسقة الكبيرة، التي تضمّ عناصر أخرى تظلّ تفرض باستمرار حدوداً على نموّه وعمله. (لينتون، 1964، ص 348)‏

وبذلك يكون على الباحث – من وجهة النظر الوظيفية -أن يأخذ في الحسبان عاملين أساسيين يلعبان دوراً تبادلياً وفاعلاً في هذا النظام الاجتماعي أو ذاك، وهما: النموذج الذي يعرفه الأفراد ويؤثّر في سلوكاتهم من جهة، والثقافة التي ينشأ عليه هؤلاء الأفراد، والتي تعنى بتلبية الحاجات الكليّة للمجتمع من جهة أخرى، وذلك لأنّ الأنظمة الاجتماعية لا يمكن أن تؤدّي وظيفتها، إلاّ كجزء من المجموع الكلّي للثقافة .‏

3-تحديد عمليات التغيير الاجتماعي :‏

تهدف الدراسات الأنثروبولوجية الاجتماعية، إلى تحديد خصائص التغيير الاجتماعي وعملياته، والتي تحدث في الأبنية الاجتماعية، سواء ذات المعدّل السريع في التغيير أو المعدّل المتوسّط أو المعدّل البطيء .‏

وقد لا حظ / براون / أنّ الدراسات الخاصة بذلك الهدف، اهتمّت بدراسة أثر الحروب الاستعمارية على النظام القبائلي في أفريقيا وآسيا. ولكنّ التغيير الاجتماعي عملية معقّدة، متعدّدة الجوانب ومختلفة العوامل. ولذلك، فهي أعمق في دراستها من حيث الجمع بين عناصر حضارتين مختلفتين. فعملية التغيير أو التطوّر، تستلزم ظهور أشكال جديدة من الأنماط والأبنية الاجتماعية، كما تستلزم أيضاً، الانتقال من الأشكال البسيطة إلى الأشكال المركّبة. (وصفي، 1995، ص 174)‏

فلكلّ مجتمع طريقته الخاصة في الحياة، والتي يطلق عليها العلماء الأنثروبولوجيون مصطلح " الثقافة ". ويعتبر مفهوم الثقافة من أهمّ الأدوات التي يتعامل معها الباحث الأنثروبولوجي. وكما هي الحال في الأبحاث العلمية الأخرى، تنحصر الخطوة الأولى في جمع الحقائق عن الأنماط الثقافية المختلفة، ويتطلّب هذا من العالم الأثنولوجي، القيام بأبحاث ميدانية في أماكن نائية، وإلى العمل في أنوع مختلفة من المجتمعات. (لينتون، 1986، ص 25 )‏

وبما أنّ الكائنات البشرية تعيش في تجمّعات (مجتمعات) وتطوّر طرقها الخاصة في الحياة بما يتلاءم مع أوضاعها الخاصة والعامة، فإنّ للثقافة هنا دوراً كبيراً في عمليات التغيير الاجتماعي، الفكري والسلوكي .‏

ومن هنا يتعيّن على الدراسات الأنثروبولوجية أن تحدّد عمليات التغيير الاجتماعي، بطريقة الكشف عن الأنماط والأبنية الاجتماعية الجديدة، وكذلك تحديد كيفيّة تطوّر الظواهر الاجتماعية البسيطة، إلى ظواهر اجتماعية مركّبة.. وهذا يتطلّب الدراسات الميدانية المركّزة، والمعمّقة.‏

المصدر : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
طالبة جامعية
طالبة جامعية
عضو نشيط
عضو نشيط

انثى
تاريخ التسجيل : 14/01/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى